الكاتب: د. فراس الصفدي - آخر تعديل: 2019-12-10
يشكل تحضير المريض قبل العملية الجراحية جزءاً كبيراً من عملي اليومي في مجال الجراحة. أنا الدكتور فراس الصفدي ويسرني أن أحدثكم في هذه المقالة عن طريقة تحضير المرضى للعمليات الجراحية والاستعداد للعملية بالشكل الأمثل.
بمجرد اتخاذ القرار من قبل الطبيب بضرورة إجراء عملية جراحية معينة وموافقة المريض على إجراء هذه العملية، فإن التحضير للعملية الجراحية يكون قد بدأ من هذه اللحظة. وإن الاستعداد للجراحة هو في بعض الأحيان بنفس أهمية العملية الجراحية نفسها. ويجب دائماً تحضير أي مريض بشكل جيد مهما كانت العملية بسيطة، وذلك لأن إغفال بعض الخطوات الهامة والأساسية في تحضير المريض للعمل الجراحي قد يؤدي إلى مضاعفات أو مشاكل غير متوقعة.
يبدأ التحضير للعملية الجراحية بالتقييم السريري الكامل لحالة المريض. يتم ذلك من خلال أخذ معلومات مفصلة، والتي تشمل الأمراض السابقة التي يعاني منها المريض، والعمليات الجراحية التي خضع لها في الماضي، وفيما إذا حدثت مضاعفات جراحية أو تخديرية معينة بعد هذه العمليات، والأدوية أو المستحضرات التي يتناولها المريض، وفيما إذا كان هناك تحسس على مواد معينة، وفيما إذا كانت هناك مشاكل دموية أو نزفية سابقة لدى المريض أو العائلة.
تتضمن الخطوة التالية إجراء مجموعة من الفحوص المخبرية والشعاعية حسب حالة المريض ونوع العملية التي سيتم إجراؤها. وهذه الفحوص إما أن تكون متعلقة بالمرض الأساسي الذي ستجرى العملية لأجله، أو أن تكون فحوصاً عامة لتحضير المريض للتخدير. وتحدد الفحوص التي سيتم إجراؤها من قبل الجراح وطبيب التخدير حسب القواعد المتبعة في المستشفى الذي سيتم إجراء العملية فيه. وفي بعض المستشفيات لا يتم إجراء أي فحوص قبل العمليات الصغيرة طالما كانت لا توجد لدى المريض أي مؤشرات مرضية.
بعض المرضى لديهم أمراض مزمنة سابقة ويتناولون الأدوية بشكل دائم لعلاجها، مثل أمراض القلب والضغط والربو والسكري. وهذه الحالات تحتاج عادة إلى تحضير خاص قبل العملية، حيث ينصح باستشارة الطبيب المشرف على علاج المريض في السابق لتقييم ملاءمته للجراحة، وتحديد فيما إذا كان المريض يحتاج إلى إجراء أي تعديلات على الأدوية قبل أو بعد العملية. ويمكن الاستمرار بتناول معظم الأدوية حتى في صباح العملية، ولكن الكثير من الأدوية يجب إيقافها قبل أيام أو أسابيع من إجراء العملية الجراحية، ولذلك يجب مناقشة هذه التفاصيل مع الطبيب لتحديد الإجراءات اللازمة.
يمكنك العثور أدناه على إجابات مفصلة على معظم الأسئلة التي قد تخطر ببالك حول التحضير ما قبل العمليات الجراحية. ويمكنك العثور على الكثير من المعلومات المفيدة حول هذا الموضوع كذلك في مقالة التخدير الجراحي وأنواعه وفي مقالة الجراحة عند المسنين.
يبدأ التحضير للعملية الجراحية في اللحظة التي يقرر فيها الطبيب أن العملية قد أصبحت ضرورية ويتخذ المريض القرار بإجراء الجراحة.
والخطوة الأولى التي يجب أن يتخذها المريض عند الاستعداد للعملية هي سؤال الجراح عن جميع تفاصيل العملية، والتي تشمل الإجراءات التي يجب أن يقوم بها المريض قبل العملية، وطريقة التخدير التي ينصح باتباعها كما هو موضح في مقالة التخدير الجراحي، ومعرفة ما الذي سيقوم به الجراح بالضبط خلال العملية، والمشاكل أو المضاعفات التي يمكن أن تحدث بعد العملية، والفترة المتوقعة للإقامة في المستشفى بعد العملية، والأدوية أو المعالجات التي سيحتاج لها المريض بعد العملية أو على المدى الطويل.
إن العامل الأهم الذي يحدد طريقة التحضير لإجراء عملية جراحية هو الحالة الصحية للمريض والأمراض السابقة التي يعاني منها المريض.
عليك أن تقوم بإخبار الجراح بجميع الأمراض السابقة والحالية التي تعاني منها وعن جميع العمليات الجراحية التي خضعت لها في السابق حتى ولو لم يسألك عن ذلك. بالإضافة إلى ذلك فإن عليك أن تخبره عن أي أدوية تناولتها في الماضي أو الحاضر وعن أي أدوية أو مواد غذائية تتحسس لها. ينبغي كذلك إطلاع الطبيب على أي مشاكل نزفية حدثت معك في الماضي، مثل حدوث نزف غير طبيعي بعد معالجة الأسنان أو بعد جرح بسيط.
إذا حدثت أي مشاكل أثناء عمليات سابقة خضعت لها (أنت أو أحد أفراد عائلتك) فعليك أيضاً أن تخبر الطبيب عن هذه المشاكل. كما يجب أن تخبره عن عادات التدخين أو تناول الكحول إن وجدت (اقرأ مقالة التدخين والعمليات الجراحية). إن هذه المعلومات هامة جداً في تحضير المريض لأي عملية جراحية، وذلك لأن التحضير يهدف للوقاية من أي مشكلة غير متوقعة ناجمة عن حالات معينة موجودة لدى المريض.
نعم. يمكن في الوقت الحاضر إجراء الكثير من العمليات الجراحية لدى الإنسان السليم دون الحاجة لإجراء تحاليل دموية أو صور شعاعية أو غيرها قبل الجراحة. تتعلق هذه الأمور بالمعايير المتبعة في المستشفيات المختلفة، حيث تمتلك كل مستشفى معاييرها الخاصة لتحضير المريض للعملية الجراحية.
في بعض المستشفيات يتم إجراء فحوص كاملة للمريض قبل أي عملية جراحية مهما كانت العملية بسيطة، والتي قد تشمل الفحوص المخبرية وصورة الصدر الشعاعية وتخطيط القلب الكهربائي. وفي مستشفيات أخرى لا يتم إجراء هذه الفحوص طالما كان المريض سليماً ولا يعاني من أمراض مزمنة، إلا إذا كان هناك مبرر طبي معين لإجرائها.
ولذلك إذا كنت شاباً سليماً لا تعاني من أمراض عامة ولا تتناول أدوية وستخضع لعملية جراحية بسيطة (مثل إصلاح فتق إربي لدى الذكور أو استئصال كتلة من الثدي لدى الإناث) فلا تستغرب إن لم يقم الطبيب بطلب أي تحاليل ما قبل العملية. وفي هذه الحالات يكفي فحص المريض من قبل الجراح والمخدر للتأكد من أنه لا يعاني من أي مشكلة تمنع التخدير.
ويعتبر الفحص العام للمريض (مثل فحص القلب وفحص الرئتين بواسطة السماعة الطبية وقياس الضغط الدموي وأخذ معلومات مفصلة حول حالة المريض) الإجراء الأهم في تقييم المريض قبل العملية. أما إذا كان المريض كبيراً في السن أو يعاني من أية أمراض أو مشاكل أخرى فمن الواضح أن الطبيب سيطلب بعض الفحوص قبل السماح بإجراء التخدير.
تشمل الفحوصات التي يمكن إجراؤها ما قبل العملية كلاً مما يلي:
نعم. إذا كان هناك أي احتمال لوجود حمل لديك فيجب إجراء اختبار الحمل قبل الذهاب إلى العملية، وذلك لأن إجراء العملية في الأشهر الأولى من الحمل قد يؤدي إلى مضاعفات معينة. وقد تم الحديث عن هذه الأمور بالتفصيل في مقالة العمليات الجراحية عند الحامل.
يعتمد ذلك على النظام المتبع في المستشفى وعلى درجة خطورة العملية. في الكثير من المستشفيات يقوم طبيب التخدير بشكل روتيني بفحص المريض قبل يوم العملية، وبتحديد أي فحوص إضافية يتوجب إجراؤها حسب الضرورة، وذلك بغض النظر عن حجم العملية أو خطورتها. وفي بعض المستشفيات الأخرى قد لا يقابل المريض طبيب التخدير إلا قبل العملية مباشرة في حال كانت العملية بسيطة.
ولكن يجب أن يجرى الفحص من قبل طبيب التخدير حتماً إذا كان المريض يعاني من أمراض متقدمة تزيد من خطورة العملية مثل المشاكل القلبية، حيث ينبغي إجراء الدراسة اللازمة والتخطيط للعملية بشكل جيد قبل تحديد موعد العملية. ولذلك عليك أن تسأل الطبيب الجراح فيما إذا كان سيتم فحصك من قبل طبيب التخدير قبل العملية ومتى سيتم إجراء هذا الفحص.
الخطوة الأولى هي إخبار الجراح عن هذه الأمراض بالتفصيل. يجب إطلاع الجراح على جميع التفاصيل المتعلقة بالمرض: متى بدأت المشكلة وكيف تمت متابعتها وعلاجها ومن هو الطبيب المشرف على العلاج، وكيف تطور هذا المرض مع الوقت وما هي الأدوية المستخدمة حالياً في المعالجة.
الخطوة الثانية هي استشارة الطبيب المشرف على معالجتك في السابق، مثلاً طبيب القلب في حال وجود مرض قلبي. وإذا كنت تتلقى المعالجة سابقاً لدى أحد الأطباء الاختصاصيين بسبب مرض متقدم فقد يطلب منك الجراح استشارة مكتوبة من طبيبك بخصوص إجراء الجراحة، ومعرفة إن كانت هناك أي إجراءات خاصة يجب أن تقوم بها قبل أو بعد العملية. ويمكن في بعض المستشفيات إجراء مثل هذه الاستشارات ضمن المستشفى في يوم العملية أو في اليوم السابق، وذلك حسب الكوادر المتوفرة في المستشفى وطبيعة الخدمات التي يتم تقديمها.
أما الخطوة الثالثة فهي مقابلة طبيب التخدير قبل يوم العملية بحيث يتعرف على تفاصيل حالتك بشكل جيد قبل إجراء الجراحة. ويجب أن يعرف الطبيب المخدر مسبقاً تفاصيل الحالة المرضية التي لديك والأدوية التي تتناولها بشكل دائم، حتى يتمكن من تحضيرك بشكل جيد للعملية وإعطاء أدوية التخدير المناسبة لك.
الكثير من المرضى الجراحيين يخضعون في الوقت الحالي لإجراء عمليات جراحية معينة بوجود مرض سابق في القلب مثل نقص التروية القلبية أو الجلطات القلبية أو العمليات السابقة على القلب مثل زرع الشرايين أو الصمامات القلبية. في هذه الحالة يتوجب حتماً استشارة طبيب الأمراض القلبية الذي كان مشرفاً على علاجك ما قبل العملية.
سيقوم طبيب الأمراض القلبية بتقييم الوضع الحالي لديك، وقد يقوم بإعادة بعض الفحوص لتحديد وظيفة القلب مثل تخطيط القلب الكهربائي أو إيكو القلب حتى لو تم إجراؤها في السابق. بعد ذلك سيقوم الطبيب بكتابة استشارة خطية يحدد فيها إمكانية إجراء الجراحة ونسبة الخطورة. كما سيحدد فيما إذا كانت هناك حاجة لتعديل جرعات الأدوية أو المعالجة بأدوية معينة قبل أو بعد العملية.
وقد ذكرت المزيد من المعلومات عن إجراء العمليات الجراحية لدى مرضى القلب المسنين في مقالة العمليات الجراحية عند المسنين.
إذا كان المريض يعاني من تشمع الكبد فيجب استشارة طبيب أمراض الكبد والجهاز الهضمي المشرف على علاج المريض في السابق قبل تحديد موعد العملية. ويتوجب الحصول من الطبيب على استشارة خطية مكتوبة يحدد فيها إمكانية إجراء الجراحة ونسبة الخطورة المترتبة على إجراء العملية. كما سيحدد توصيات العلاج وفيما إذا كانت هناك حاجة لتعديل جرعات الأدوية أو إضافة أدوية معينة.
يعتبر موضوع الأدوية قبل العمليات الجراحية مهماً للغاية. الكثير من الأدوية يمكن تناولها بشكل طبيعي بدون أي مشكلة، وحتى تناولها صباحاً في يوم العملية الجراحية. ولكن هناك الكثير من الأدوية التي يمكن أن تتعارض مع التخدير أو تؤدي إلى مشاكل معينة مثل النزف.
وبالتالي يتوجب إيقاف مثل هذه الأدوية قبل فترة تتراوح من يوم واحد وحتى ثلاثة أسابيع قبل العملية في بعض الأحيان.
يجب دائماً إخبار الطبيب الجراح عن أي أدوية تتناولها قبل تحديد موعد العملية الجراحية، بما في ذلك الأدوية العشبية أو المستحضرات الطبيعية أو حبوب منع الحمل. سيقوم الطبيب بتحديد فيما إذا كان من الممكن الاستمرار بتناول هذه الأدوية أو إيقاف بعضها. وفي بعض الأحيان يستوجب الأمر استشارة الأطباء الآخرين المشرفين على علاجك في السابق.
يمكن الاستمرار بمعظم الأدوية قبل العمليات. ولكن ينبغي دائماً إخبار الطبيب عن الأدوية التي تتناولها ليساعدك على تحديد الأدوية التي يجب الاستمرار بها، فهناك الكثير من الأدوية التي يمنع تناولها بشكل كامل قبل أي عملية جراحية. ومن الأدوية التي يتوجب غالباً إيقافها قبل العمليات نذكر:
ينبغي إطلاع الطبيب على الأدوية التي تتناولها بالتفصيل لأن الموضوع يختلف من دواء لآخر. معظم أدوية الضغط يمكن الاستمرار بتناولها بدون مشاكل في يوم إجراء العملية. ويمكن في هذه الحالة تناول الحبوب المقررة صباحاً مع القليل من الماء في صباح يوم العملية. ولكن بعض الأدوية يجب إيقافها قبل فترة من العملية حسب ما يشير عليك الطبيب.
ينبغي إطلاع الطبيب على الأدوية التي تتناولها بالتفصيل لأن الموضوع يتفاوت من دواء لآخر. إذا كنت تتناول الحبوب الخافضة لسكر الدم بسبب الداء السكري فسيطلب منك الطبيب عادة عدم تناول هذه الأدوية في يوم العملية، حيث يتم علاج السكر بواسطة الأنسولين في يوم العملية الجراحية وأحياناً لعدة أيام بعده. وسيتم مراقبة السكر من خلال التحاليل المتكررة في المستشفى قبل وأثناء وبعد العملية.
موضوع مميعات الدم هو موضوع كبير وواسع جداً. وموضوع إيقاف مميعات الدم يختلف بشكل كبير جداً من مريض لآخر حسب نوع العملية الجراحية ونوع الأدوية التي يتم تناولها وضرورة تناول المميعات. وينبغي تحديد ضرورة إيقاف مميع الدم بالتنسيق مع الجراح ومع الطبيب الذي قام بإعطاء المميعات بالأساس. وهنا يمكنني إعطاء الأمثلة العامة التالية:
عليك دائماً أن تسأل الطبيب إن كانت هناك أدوية أو إجراءات خاصة يجب أن تقوم بها ما قبل العملية الجراحية. هناك بعض الحالات التي تحتاج إلى تحضير دوائي أو غذائي مسبق خاص بالعملية الجراحية. وكأمثلة على ذلك نذكر:
الموافقة على العمل الجراحي هي تصريح خطي من المريض يشير إلى موافقته على إجراء العملية الجراحية وتحمله جميع النتائج الناجمة عنها. وفي حال عدم قدرة المريض على إعطاء الموافقة بشكل مباشر (كما في الأطفال والعاجزين) فيتم الحصول على الموافقة من الوالدين أو أولياء الأمر أو أبناء المريض.
يختلف نظام الموافقة الخطية من بلد لآخر ومن مستشفى لآخر. في بعض الأحيان تكون صيغة الموافقة مكتوبة بشكل جاهز ضمن ملف المريض في المستشفى، حيث يقوم بالتوقيع في المكان المخصص لذلك. وفي أحيان أخرى يكون هناك استمارة خاصة يتوجب على المريض قراءتها وملؤها ثم التوقيع في أسفلها.
قبل الموافقة الرسمية على إجراء العملية الجراحية والتوقيع على ذلك يتوجب عليك أن تفهم بالتفصيل ما الذي سيتم إجراؤه في العملية وما هي المضاعفات التي يمكن أن تترتب على ذلك. يتم إعطاء الموافقة الخطية بعد حوار مفصل مع الجراح مباشرة أو أحد مساعديه.
يتضمن هذا الحوار شرح كافة تفاصيل العملية وما الذي سيتم إجراؤه بالتفصيل فيها، بالإضافة إلى شرح السير المتوقع للحالة بعد العملية، والمضاعفات أو المشاكل المحتملة بعد العملية، والتوصيات والنصائح اللازمة بعد العملية، وأخيراً كيف ستؤثر العملية على حياة المريض على المدى الطويل.
عليك أن تسأل الجراح دائماً عن هذه النقاط وأن تعرفها بشكل جيد، وأن لا توقع على الموافقة الخطية إلا بعد معرفة جميع هذه التفاصيل.
إن الموافقة الخطية هي بمثابة إقرار من المريض بأنه قد تلقى معلومات كافية حول طبيعة العملية الجراحية التي سيخضع لها والمشاكل الطبيعية التي يمكن أن تحدث بنسبة معينة بعد هذه العملية. وبالتالي فإن توقيعك على الموافقة الخطية لا يرفع المسؤولية عن الطبيب في حال حدوث خطأ طبي جسيم وواضح. ولكن الموافقة هي بمثابة إثبات بأنك قد حصلت على المعلومات الضرورية حول العملية الجراحية ونتائجها ومضاعفاتها المختلفة.
وللمزيد من المعلومات حول الفروقات بين المضاعفات الجراحية الطبيعية وبين الأخطاء الطبية ننصح بقراءة مقالة مضاعفات العمليات الجراحية.